وحدة الأمة

 

السلام عليكم

 

إخواني الأعزاء،

 

لقد قمت بنشر دراسة مفصلة عن جماعة التبليغ، وقد كان الجزء الأكبر منها يتعلق بممارسات الجماعة المعروفة لكل أعضائها، و المسائل المتعلقة بكتبهم، والرسائل المتبادلة مع كوادرهم. وقد غطت الدراسة كذلك بعض تفاصيل الممارسات الصوفية وصراعات الجهاد الحديثة. وقد تم شرح معظم النقاط في ضوء الآيات القرآنية . وقد يظن البعض أني قمت بكتابة هذه الدراسة بتأثير ممن ينتمون لجماعات أخرى، على الرغم من أني في كتابتي  قد عارضت كل الجماعات.

 

ونتيجة نشأتي في مدينة ميل وِشارَم بالهند، فقد عشت في مجتمع يُعرّف نفسه بطائفة "أهل السنة والجماعة"، ويتبع المذهب الحنفي، وكان يتبنى أسلوب جماعة التبليغ في جهوده الإصلاحية. ولا أعرف، لو كنت وُلدت في منطقة شيعية، فلأي من مذاهبها قد كنت سأنتمي، أو في أي من جماعاتها كنت سأبذل جهودي الإصلاحية. كما أعتقد أن فرصة تحولي من شيعي إلى سنّي كانت ستكون بعيدة جداً، بالضبط كما أن فرصة تحولي إلى شيعي بعد نشأتي السنية هي مستحيلة الآن، لأن، أياً كانت الطائفة أو المذهب أو الجماعة التي ينتمي إليها المسلم، فإن إطلاعه وذكائه وإختياراته ليس لها إلا أقل التأثير على وجوده بها، وغالباً ما يحدد مكان مولده إنتمائه.

 

كما أني لو كنت نشأت في أحد المذاهب الشيعية، فقد كنت سأقوم بمقارنة أفعالهم وأقوالهم في ضوء القرآن لو أن الله سبحانه وتعالى أعطاني الفرصة، وكان توضيح أي إختلافات أجدها بين كلام الله وبين أفعالهم وأقوالهم سيكون من واجبي. وكانت مجموعة منهم ستقوم بالتأكيد بإتهامي بإقامة إتصالات مع جماعة أخرى من مذهبهم أو أني قد تحالفت مع أهل السنة.

 

فقط لأني نشأت في هذا المجتمع، فقد أتيحت لى الفرصة لمعرفة تفاصيل تعاليمه وممارساته ورجاله. وماذا يمكنني أن أقول عن المجتمعات أو الجماعات الأخرى التي لا أعرف عنها إلا أقل القليل؟. وحتى لو قمت بأبحاث وقلت عنهم أشياء صحيحة، فلن يلتفتوا لما أقول، وسيكون إنتمائي لأهل السّنة أو لمذهب معين أو لجماعة معينة سبب كافي لرفضه منذ البداية. أنا أستطيع أن أتكلم فقط عن المجتمع الذي أعيش فيه وعن الأحداث التي لاحظتها. ولم يكن غرضي إظهار عيوب ونقائص أي شخص أو جماعة أو مكان بعينه، مُغفلاً كل الآخرين في العالم. وقد ساعدتني هذه الدراسة كذلك في فهم الأساسات التي ينقسم حولها العالم الإسلامي.

 

بخصوص الفرق والجماعات في الإسلام، فقد كتبت أن كل هذه الفرق ظهرت نتيجة مؤامرات من أعدائنا، لكي نبقى منقسمين وضعفاء. وسنرى الآن، عن طريق مخطط خاص، كيف يتم دعم وتعزيز هذه الإنقسامات وكيف تبقى نيران العداوة مشتعلة بينها. فلنتخيل على سبيل المثال، أن أعدائنا يدعمون ثلاث جماعات بيننا: جماعة (أ) وجماعة (ب) وجماعة (ج).

 

بما أن كل هذه الجماعات مسلمة، فإن الكثير من أو أغلب معتقداتها وممارساتها متماثلة، سواء الصحيحة أو الباطلة. ولكن في كل جماعة هناك بعض الممارسات (أو المعتقدات) الخاصة التي لا توجد في الجماعتين الأخرتين. فالجماعة (أ) تهتم كثيراً ببعض الأعمال الصالحة  أوالتى تعتقد أنها صالحة        ( والتي تعتبر صفة مميزة لها)، والتي لا تهتم بها الجماعتان الأخريتان، والتي يشعر بسببها أعضاء الجماعة (أ) أنهم أفضل من الجماعتين (ب) و(ج). وفي نفس الجماعة (أ)، هناك بعض الممارسات المبتكرة (البدع)، التي قدمها لهم قادتهم على أنها أفعال فاضلة، ولكن الجماعتان الأخرتان تنفران منها بشدة ومن ثم تتجنبان أنشطة هذه الجماعة. وبالمثل فكل الجماعات لديها ممارساتها وجهودها الصالحة المميزة، والتي تشكل مصدر فخر لأعضائها وسبب إخلاصهم لهذه الجماعة. وبنفس الطريقة، فالممارسات المبتدعة الخاصة بكل جماعة هي سبب كره الجماعات الأخرى لها ونزاعهم معها.

 

والآن سندرس في ضوء القرآن من هم أعدائنا هؤلاء، وما هدفهم من ترسيخ الإختلافات بيننا، ولماذا نحن نُجبرإلى ا لكفر والتكذيب والإستهزاء بالقرآن. وستكون هذه الدراسة في صورة أسئلة وإجابات.

 

سؤال: من هم أعداء الإسلام، بجانب إبليس، الذين يريدون لنا أن نضل؟

 

الإجابة: لقد عينهم القرآن كالتالي:

1-   اليهود والمشركون.

2-   الكفار.

3-   فريق من أهل الكتاب.

4-   المنافقون.

 

والآيات التي توضح ذلك:

آية 82 – المائدة

 

وقال عن الكفار:

آية 149 –  آل عمران

 آية 2 – الممتحنة

 

وقال الله تعالى عن بعض أهل الكتاب:

آية 100 – آل عمران

 آية 44 – النساء

 

وقد حذر أهل الكتاب كذلك من الذين ضلوا:

 آية 77 – المائدة

 

وقال عن المنافقين:

 آية 89 – النساء

 

توضح هذه الآيات أن الكثير من الناس؛ كالمشركين واليهود والمنافقين وبعض أهل الكتاب لديهم هدف مشترك: أن يجعلونا نكفر مثلهم.

 

سؤال: وهل لديهم العلم العميق بديننا بما يكفي لكي ينجحوا في تضليلنا؟

 

الإجابة: لقد أعطى الله هذا الدين إلى أمم أخرى من قبل، لذا فلم يجد قادة هذه المجموعات التي ذُكرت في الآيات أي صعوبة في محاولة تضليل المسلمين، كما فعلوا من قبل بشعوبهم وبالأمم الأخرى.

 آية 13 – الشورى

 

سؤال: وهل يسهل عليهم الوصول إلى عامة المسلمين؟

 

الإجابة: هؤلاء الذين يريدون أن يضلونا يستخدمون المنافقين من بيننا، والذين بدورهم ينفذون ما يأمرهم به قادتهم لتضليل عامة المسلمين.

 

سؤال: ولماذا يفعلون ذلك؟  لماذا يهمهم بشدة أن يضل المسلون طريقهم وينحرفوا عن الصراط المستقيم؟

 

الإجابة: السبب الأول هو أن قادة الأديان الأخرى يقدمون الإسلام لشعوبهم كشرٍ تجب مواجهته أياً كان الثمن. فيقومون بجمع الضرائب والتبرعات من شعوبهم أو ينفقوا أموال الحكومة في مقاومة الإسلام ودعم أديانهم الضعيفة أو المشوهة. وهناك جيش ضخم من الرجال المُستأجرون للقيام بالدعاية، ورجال الدين، والناشرون، ورجال الأحزاب، يكتسبون رزقهم من هذه الأموال. كما يقول الله تعالى لهم:

 آية 82 – الواقعة

والسبب الثاني الأهم هو:

إذا وصلنا إلى الكفر والشرك، فسنفقد رضا الله. ثم سنفقد منزلة " خير أمة " ونصبح على قدم المساواة معهم فيما يخص عون الله ومساعدته. ثم أنهم يحاولون إضعافنا في أمور الدنيا، كما هو موضح في هذه الصفحة: الخطر، لكي نخسر ديننا ودنيانا.

 

وأهم سبب لهم يجعلونا من أجله نرتكب أفعال الشرك، إستناداً إلى هذه الآية من سورة النور، هو أن نظل محرومين من ميراث الأرض.

 آية 55- النور

 

في هذه الأية، وعدنا الله تعالى بأنه سيستخلفنا في الأرض، وبأنه سيمكن لنا ديننا الذي أرتضى لنا، وأنه سيبدلنا من بعد خوفنا أمناً. لكنه يشترط في نفس الآية: " يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً ".

 

نعرف من هذا التلميح في الآية السابقة أنهم يريدوننا أن نقوم بأفعال الكفر والشرك. لكنهم لو أمرونا صراحة أن نكفر ونشرك، فإن أغلبنا لن نفعل ذلك وهو بكامل وعيه، إن شاء الله، ولا حتى في نومنا وأحلامنا.

 

لذا، وبعد وفاة رسولنا عليه السلام ، وعندما كان الوقت مناسباً لقوى الشر، قاموا خلسة بإدخال التغييرات الى صلاتنا. لا نعلم متى ولا من أدخل هذه التغييرات، لكن خلق حالة من الإضطراب في قلب بلاد الإسلام سريعاً بعد وفاة الرسول عليه السلام، وتوالي قتل الخلفاء من بعده ثم حفيد الرسول عليه السلام يوضح لنا أن أعدائنا كانوا في عجلة من أمرهم لإخماد نور الحق.

 

من الصعب جدا الإعتقاد بأن صلاتنا قد أُفسدت الى حد ما، وأن المسلمين يمكن خداعهم بهذ السهولة، وإعطائهم أسباب زائفة ومن ثم التأثير عليهم ليقوموا بأفعال الشرك والكفر. ومع ذلك، عندما ننظر لجهود جماعة التبليغ (والتي لم يتلاشى تأثيرها بعد)، يتضح لنا كم من مليون مسلم بريء حول العالم يمكن خداعهم باسم الدين والدعوة، ودفعهم للقيام بأعمال مناقضة لتعاليم القرآن.

والمدهش أنه حتى هؤلاء الذين حصلوا على قسط وافر من التعليم - بما في ذلك من حصلوا على التعليم الديني- جرفتهم الأعمال الخادعة. (أرجو الرجوع إلى النسخة الموجودة على الموقع عن طريق الضغط على هذا الرابط:

إخوة.كوم

 

وفي المقالة القادمة، prayer1a.htm ، سأعطي تفاصيل أخطاء الحذف والإرتكاب في صلاواتنا.

 

لكن قبل شرح هذا أريد أن نتفق في الرأي. نتفق على هويتكم.

 

يقول الله سبحانه وتعالى:

الآية 33- فصلت

 

في هذه الآية، يخبرنا الله تعالى أنه ما من أحد أحسن قولاً من:

1-   من يدعو إلى الله.

2-   ويعمل صالحاً.

3-   ويقول: " إنني من المسلمين".

 

يقول الله تعالى أن أفضل تعريف للمرء بنفسه أن يقول " إنني من المسلمين ".

 

قد تختلف الهويات العرقية والجغرافية والجنسية والقبلية والمهنية. ولكن طالما يخص الأمر الهوية الدينية، فلتقل: " إنني من المسلمين "، ولتدمج هذا القول مع الدعوة إلى الله وتتبعه بالأعمال الصالحة. ولتتوقف عن تعريف نفسك بالجماعات والمسالك والمذاهب، وابدأ في قول: " إنني من المسلمين ".

هذه هي الخطوة الأولى نحو الوحدة بين المسلمين. لذا شارك في توحيد الأمة الإسلامية ولا تشارك في تفتيتها. وقد أمرنا الله تعالى أن نقيم الدين ولانتفرق فيه.

 آية 13 – الشورى

 

في وجود كل هذه الإنقسامات في الأمة وخلافها في أمور الدين، يبدو أنه من المستحيل أن تتوحد الأمة أبداً. لكن إذا قرأنا هذه الآية، يبقى لدينا الأمل:

 آية 213 – البقرة

 

ليبقى لدينا الأمل والإيمان بأن الله سيهدينا كذلك لما أختلفنا فيه من الحق بإذنه، وبالتالي يوحدنا.

 

لقراءة المقال التالي عن الصلاة، برجاء الضغط على هذا الرابط: الصلاة.

فهرست

الصفحة التاليه